مقالات

إعجاز القرآن في توصيف الدواء والغذاء

بقلم د. ياسر جعفر

في عالم يبحث دائمًا عن الحلول العلمية والطبية لأمراض العصر، يبرز زيت الزيتون كواحد من أكثر العناصر الغذائية التي حظيت باهتمام الباحثين والعلماء.

لكن ما قد يجهله الكثيرون هو أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة قد سبقا العلم الحديث بأكثر من أربعة عشر قرنًا في الإشارة إلى فوائد الزيتون وزيته، ووصفهما كعلاج وغذاء للبشرية.

في هذا الصدد، نستعرض الإعجاز القرآني والنبوي في توصيف الدواء والغذاء، مع التركيز على زيت الزيتون الذي وصفته الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بأنه من شجرة مباركة.

قال تعالى: (وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا ﴿٢٩ عبس﴾).
وقال تعالى: (دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ) (النور: 35).
وقال تعالى: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) (التين: 1).

وهناك آيات أخرى عن أهمية الزيتون. وفي الحديث الشريف: (كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة) (رواه الترمذي والحاكم، وصححه الذهبي والمنذري والألباني).

منهج حياة

الدين الإسلامي دين عظيم، منهج حياة ينصح دائمًا بما ينفع الخلق جميعًا، إن من عظمة هذا الدين أنه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها في جميع المجالات وعلى جميع الأصعدة. معنى كون الإسلام منهج حياة هو أن المجتمع المسلم بجميع مكوناته وأنظمته يلتزم بأحكام الإسلام وأخلاقه وقيمه ومبادئه، بحيث يجعلها مسلكًا له في الحياة، وخطًا يتميز به عن غيره من المجتمعات، والفرد المسلم، رجلاً كان أو امرأة، هو لبنة هذا المجتمع، فإذا التزم أكبر عدد من الأفراد بمنهج الإسلام في حياتهم، فإن هذه الصفة المباركة ستظهر على المجتمع، فيُقال: هذا مجتمع منهجه الإسلام.

حضارة عريقة

أنقذت الحضارة الإسلامية العالم من ظلمات الجهل والتخلف والانهيار الأخلاقي والقيمي التي سادت العالم قبل الإسلام بعدة عقود، وقد استمدت الحضارة الإسلامية أصولها وروافدها من القرآن الكريم والسنة المطهرة، ثم بانفتاحها على شعوب الأرض جميعًا، دون تمييز بين لون أو جنس أو دين، وكان فيها من الخصائص المميزة ما أهلها لأن تحتل مكان الريادة في العالم.

و توجيهات القرآن والسنة النبوية في وصف الروشتة الدوائية والغذائية للبشرية جمعاء، وتوصيف الزيتون كعلاج لكثير من الأمراض التي تصيب الإنسان، وكغذاء يفيد الجسم، هذا هو الدين الإسلامي الذي ينصح بالخير في جميع المجالات وعلى جميع الأصعدة. وقد أكدت الأبحاث والدراسات العلمية ما جاء في القرآن والسنة النبوية الشريفة، لتطمئن القلوب. وندعو الغرب إلى إجراء دراسات تأملية في آيات الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وليدخلوا في دين الله أفواجًا.

مكونات زيت الزيتون
زيت الزيتون هو الزيت الطبيعي المستخرج من ثمرة شجرة الزيتون. يتكون نحو 14% من زيت الزيتون من دهون مشبعة (saturated fat)، في حين أن 11% منه عبارة عن دهون متعددة غير مشبعة (polyunsaturated)، مثل أحماض أوميغا 6 (omega-6) وأوميغا 3 (omega-3) الدهنية، والأحماض الدهنية السائدة في زيت الزيتون هي دهون أحادية غير مشبعة تسمى حمض الأوليك (oleic acid)، وتشكل 73% من إجمالي محتوى الزيت.

وتشير الدراسات إلى أن حمض الأوليك يقلل الالتهاب، وقد تكون له آثار مفيدة على الجينات المرتبطة بالسرطان، وفقًا لتقرير هيلث لاين (Healthline)، فكل هذه الدراسات من جميع دول الغرب تؤكد أن الزيتون وزيته له فوائد عديدة، والقرآن الكريم والسنة النبوية أرشدنا إلى ذلك منذ آلاف السنين! فلماذا لا يؤمن الغرب بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟!

رسول الإنسانية

لأنهم يعلمون أن رسالة رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم حق، ولكن الحقد الأسود ملأ قلوبهم واستحوذ عليها. وبسبب هذا الحقد على الإسلام والمسلمين، يحاربون المسلمين ويريدون إبادة جميع المسلمين ومحو الإسلام. وهذا الوهم الذي يعيشون فيه يجعلهم يقومون بإجراء أبحاث ودراسات عن الدين الإسلامي للاستفادة منها، ويعلمون أنها رسالة حق، ولكنهم لم يؤمنوا بها، فهل لهؤلاء أمان أو مصداقية أو معاهدات؟! كلا وألف كلا، هؤلاء قلوبهم مليئة بالحقد على الإسلام والمسلمين، ويعلمون أن رسالة رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم رسالة حق وعدل ونور.

لا يؤمن كثير من المسلمين بنظرية المؤامرة على الإسلام، ويصفون هذه النظرية بالشماعة التي يعلق عليها المسلم ضعفه وانهزامه أمام العدو القوي. ويعتقد هذا الفريق أن العدوان الذي يطال كثيرًا من الدول الإسلامية هو من قبيل الأعمال السياسية والمصالح الاقتصادية. ولكن هذه النظرية لا تقوى على الصمود في وجه البحث العلمي الحقيقي الذي يؤكد أن هذا العداء هو بالدرجة الأولى عداء ديني. نعم، عداء ديني من الدرجة الأولى بسبب قلوبهم السوداء. والحرب على المسلمين في العالم كله حروب دينية، والحرب على فلسطين دينية وليست اقتصادية، ويوهمون العالم أنها حرب اقتصادية، ويريدون غزة للاقتصاد. كل هذه مهاترات شيطانية وخزعبلات وهمية يلعبون بها على الأغبياء. لا يريدون اقتصادًا، هم الذين يتحكمون في اقتصاد العالم، وجميع أنواع الاقتصاد الدولي تحت أيديهم: البنوك، البترول، الذهب، جميع علوم الجيولوجيا. لدرجة أنهم قاموا ببث الكراهية في كليات العلوم لكي لا يدخلها طلاب وتخرج علماء ينفعون بلادهم. فغزة لا تمثل لهم إلا محو قضية القدس، وبعد ذلك يدخلون على مكة والمدينة. كلها أوهام شيطانية وخزعبلات وهمية.

فوائد زيت الزيتون

وتشير الدراسات العلمية أن زيت الزيتون مليء بمضادات الأكسدة القوية، وهي مركبات نشطة بيولوجيًا قد تقلل من خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السرطان. كما أن مضادات الأكسدة تحارب الالتهاب وتساعد على حماية الكوليسترول في الدم من الأكسدة، وهما فائدتان قد تقللان من خطر الإصابة بأمراض القلب.

فضلاً عن قوة مضادة الالتهابات يعتقد أن الالتهاب المزمن هو المحرك الرئيسي للأمراض، مثل السرطان وأمراض القلب ومتلازمة التمثيل الغذائي ومرض السكري من النوع الثاني ومرض ألزهايمر والتهاب المفاصل وحتى السمنة. ويمكن أن يقلل زيت الزيتون البكر من الالتهاب الذي قد يكون أحد الأسباب الرئيسية لفوائده الصحية. ويحتوي زيت الزيتون على الأوليوكانثال (oleocanthal)، الذي ثبت أنه يعمل بشكل مشابه للإيبوبروفين (وهو دواء مضاد للالتهابات).

كما تساعد في منع الجلطات تحدث السكتة الدماغية بسبب اضطراب تدفق الدم إلى الدماغ، إما بسبب جلطة دموية أو نزيف. وقد تمت دراسة العلاقة بين زيت الزيتون وخطر السكتة الدماغية على نطاق واسع، ووجدت مراجعة كبيرة للدراسات أجريت على 841 ألف شخص أن زيت الزيتون كان المصدر الوحيد للدهون الأحادية غير المشبعة المرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب، فضلاً عن الوقاية من أمراض القلب زيت الزيتون يقي من أمراض القلب بعدة طرق، فهو يقلل الالتهاب ويحمي الكوليسترول الضار من الأكسدة ويحسن بطانة الأوعية الدموية، وقد يساعد في منع تجلط الدم المفرط. كما أن زيت الزيتون قد يساعد في خفض ضغط الدم.

الزهايمر وزيت الزيتون

ومن الفوائد كما تشير الدراسة القدرة على محاربة ألزهايمر: في مرض ألزهايمر، يحدث تراكم ما يسمى لويحات بيتا أميلويد داخل خلايا الدماغ. وقد أظهرت إحدى الدراسات التي أجريت على الفئران أن مادة في زيت الزيتون يمكن أن تساعد في إزالة هذه اللويحات، بالإضافة إلى تقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني: يبدو أن زيت الزيتون يحمي بشكل كبير من مرض السكري من النوع الثاني، إذ ربطت العديد من الدراسات هذا الزيت بالتأثيرات المفيدة على نسبة السكر في الدم وحساسية الأنسولين.

كما يحتوي زيت الزيتون على مضادات الأكسدة لها خصائص مضادة للسرطان، حيث يمكن لمضادات الأكسدة الموجودة في زيت الزيتون أن تقلل الضرر التأكسدي بسبب الجذور الحرة، التي يعتقد أنها المحرك الرئيسي للسرطان. وتظهر العديد من الدراسات المخبرية (التي لم تُجرَ على البشر) أن المركبات الموجودة في زيت الزيتون يمكن أن تقاوم الخلايا السرطانية، بالإضافة إلى خصائص مضادة للجراثيم، حيث يحتوي على العديد من العناصر الغذائية التي يمكن أن تمنع البكتيريا الضارة أو تقتلها. واحدة من هذه البكتيريا هي الملوية البوابية (Helicobacter pylori)، وهي بكتيريا تعيش في المعدة ويمكن أن تسبب قرحة المعدة وسرطان المعدة. وأظهرت الدراسات التي أجريت على أنابيب الاختبار أن زيت الزيتون البكر الممتاز يحارب 8 سلالات من هذه البكتيريا، 3 منها مقاومة للمضادات الحيوية.

طرق فعاله

ومن أفضل الطرق لاستعمال زيت الزيتون إضافته على الفول أو الجبن القريش أو الباذنجان، وأكله بالزعتر والسمسم، والسلطات. ويفضل تناوله على الإفطار، ويفضل أكله وليس شربه، كما أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه عمر بن الخطاب: (كلوا الزيت وادهنوا به؛ فإنه من شجرة مباركة) (أخرجه الترمذي). وأثبتت الدراسات العلمية والأبحاث أن الأكل يستفيد منه الجسم أكثر من الشرب.

هذا هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ينهم منه خيراته هؤلاء الباحثين من أعداء الإسلام والمسلمين، ولا يؤمنون بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وأرشدنا رب العزة سبحانه أنهم أعداء للإسلام والمسلمين، قال تعالى: (مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَلَا ٱلۡمُشۡرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ خَيۡرٖ مِّن رَّبِّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَخۡتَصُّ بِرَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ) (البقرة: 105).

لا تخدعَنَّك المظاهر وتغرَّك الكلمات، فتُحسنَ الظنَّ بمَن يحادُّ الله ورسوله. قد كشف الله لك ما في نفوسهم فاحذرهم. ها قد علمنا ما يُكنُّه الكفار للمؤمنين من عداوة وبغضاء، ألا فلنجتهد في مخالفتهم، وترك التشبه بهم، فما أفلح مَن احتذى حذو أعدائه، ولو في أكله وشربه.

قال تعالى: (هَٰٓأَنتُمۡ أُوْلَآءِ تُحِبُّونَهُمۡ وَلَا يُحِبُّونَكُمۡ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ كُلِّهِۦ وَإِذَا لَقُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ عَضُّواْ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَنَامِلَ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۚ قُلۡ مُوتُواْ بِغَيۡظِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ) (آل عمران: 119).

منهج حياة

إنما تجتمع القلوب إذا اتفقت على منهج واحد، أما مَن توافقه في الحق الذي معه ويخالفك في الحق الذي معك، وتظهر له الود ويبطن لك البغضاء، فكيف تصلح معه محبة؟! لا يغيظ قلوب أعداء المسلمين شيء كأن يرَوهم متحابين متعاونين متراحمين، كالجسد الواحد، ولن يبلغوا منهم شيئًا ما داموا كذلك، كما أن المسلم العاقل لا يغتر بحلاوة منطق عدوه، كيف وقد أنبأه العليم بمكنون الصدور بما يعتمل في صدره من الحقد علينا والغضب منا؟!

قال تعالى: (إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٞ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ) (آل عمران: 120).

من الكفار مَن يُضمر للمؤمنين عداوة خبيثة باطنة، فضلًا عن عداوتهم اللئيمة الظاهرة، فلا يفتؤون يتمنون زوال النعمة عنهم. ما أشد بغض الكفار المحاربين للمؤمنين؛ إنه ليسوءهم أقل ما يحصل لهم من خير، ولا يسرهم إلا تحقق إصابتهم بالشر! المؤمن حقًا لا يتنازل عن عقيدته مهما كانت التكاليف، ويستعين على مواجهة قوة الأعداء ومكرهم بالعزيمة والصبر.

إن الله ليحفظ عبده المتوكل عليه، المستعين به على بلائه، فلا يزال به حتى يظفر بطلبه ويغلب خصومه. طيبوا نفسًا أيها المتقون؛ فإن أعداءكم لن يوقع كيدهم مهما بلغ وعظم شيئًا من الضرر بكم مهما قل وصغر.

اعلم أن الله تعالى محيط بما تخفيه الخلائق، فمَن أضمر شرًا انتقم منه، ومن صبر واتقى أظفره بحاجته، فليطمئن المؤمن، وليحذر عدوه.

قال تعالى: (أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡجِبۡتِ وَٱلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰٓؤُلَآءِ أَهۡدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ سَبِيلًا) (النساء: 51).

ويل لعلماء السوء والغواة؛ لم تكفهم سفاهة أحلامهم حتى نصَّبوا أنفسهم حكامًا، يحكمون على المهتدين بالضلال، وعلى الضالين بالهدى! أهل الباطل أمام أهل الحق ملَّة واحدة، وإن تعددت مشارب ضلالهم، حتى يشهد بعضهم لبعض، لا صدقًا فيما شهدوا، ولكن نكاية بمن اتفقوا على عداوته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى