اخبار عالمية وسفارات

رئيس مجلس النواب المغربى يفتتح المنتدى الثانى لرؤساء لجان الشؤون الخارجية بالبرلمانات الإفريقية

رسالة الرباط .. أحمد حسن

افتتح رئيس مجلس النواب المغربى راشيد العلمى، اليوم الخميس، المنتدى الثانى لرؤساء لجان الشؤون الخارجية بالبرلمانات الإفريقية، بمشاركة وزير الخارجية المغربى ناصر بوريطة، رئيسة اللجنة الخارجية والدفاع الوطنى فى مجلس النواب سلمى بنعزيز، ورؤساء برلمانات.

قال العلمى: إن التحديات التى تواجه قارتنا وأزماتها هى نفسها المطروحة منذ سنوات، على الرغم مما تحققه على أكثر من صعيد، خاصة فى المجال المؤسساتى والاقتصادى، وهو ما يبعث على الأمل أن النهضة الإفريقية قابلة للتحقق إذا نحن عرفنا كيف نتوحد ونتجاوز عوامل الكبح.

ومن مؤشرات هذا الأمل، إن قارتنا ستحقق معدل نمو يقدر بـ 4.3% عام 2025، مقابل 3.7% خلال سنة 2024، وأن 24 دولة إفريقية سيتجاوز معدل النمو بها 5%.

وأضاف، لا ينبغى للخطوات المحققة على الصعيد الاقتصادى القارى وعلى مستوى البناء المؤسساتى أن تنسينا حجم التحديات الكبرى التى تواجهها قارتنا.

وتابع العلمى: ينبغى إعادة التذكير بها بغايتين أساسيتين تتمثل الأولى فى: توحيد الرؤية إزاء المعضلات التى نواجهها، وتتمثل الثانية: فى بناء وعى تاريخى إفريقى جديد متوجه إلى المستقبل على أساس إدراك صعوبات وإكراهات الحاضر.

فى مقدمة هذه التحديات، عودة تناسل النزاعات الداخلية أساسًا فى بعض بلدان القارة، إذ بعد نجاح قارتنا فى تجاوز الكُلفة السياسية والاستراتيجية للحرب الباردة، التى لم تكن حربها وإنجاز العديد من الانتقالات السياسية مقرونة ببناء مؤسساتى واعد، عادت النزاعات فى بعض الحالات، لتجثُم على الأوضاع فى بعض البلدان.

وأكد العلمى، أن قارتنا تصطدم أيضًا فى طموحها إلى الصعود الاقتصادى، بتحدى انعكاسات الاختلالات التى تكلف إفريقيا كثيرا جراء الجفاف، والتصحر، وانجراف التربة أحيانا، والفيضانات فى أحيان أخرى، فى الوقت الذى لم ولا تستفيد من ثمار التصنيع، والتراكم التاريخى الناجم عنه.

وتُنتج هذه الأوضاع تحديات جديدة، ومنها الفقر والنقص فى الغذاء، والتبعية الغذائية والهجرات والنزوح واللجوء والأخطر من ذلك أنها تُنتج حالات إحباط ويأس لا تُسعف فى بناء الثقة، فى المؤسسات الوطنية، والتى تجتهد النخب الإفريقية لترسيخها.

ولا ينبغى للتحديات، مهما كانت أن تترك الإحباط يتسرب إلى الهمم الإفريقية، حيث كانت إفريقيا دائما أرض التحديات، وكان الإنسان الإفريقى الصبور، والمُعاند، ينتهى بربح الرهانات.

حيث انتصر على الاستعمار، واستعادت البلدان الإفريقية استقلالاتها الوطنية، وتيسر لها بناء الدولة الوطنية بقيادة زعماء وطنيين كبار من قبيل الملك محمد الخامس ومعه الحسن الثانى، والرؤساء ليوبول سيدار سنغور، وهوفييت بوانيى، وأحمد سيكوتورى، وكوامى نيكروما، وباتريس لومومبا، وغيرهم من القادة الحكماء.

وبهذه الروح يواصل الجيل الجديد من القادة الأفارقة، ومن النخب الإفريقية المؤمنة والملتزمة بقضايا قارتها وبلدانها، معركة التنمية وترسيخ الديمقراطية.

وقال العلمى: إن قارتنا تتوفر على كافة الإمكانيات والثروات التى تؤهلها لتحقيق انعطافة تاريخية فى التنمية والازدهار والتموقع الاستراتيجى.

وفى صدارة الإمكانيات التى تؤهل إفريقيا لتحمل صفة “قارة المستقبل”، عنصر التكامل فى الموارد وبين اقتصادات بلدانها، إلى جانب مواردها البشرية الشابة، وكفاءاتها التى تحقق نجاحات كبرى فى بلاد المهجر، فضلًا عن أراضيها الخصبة القابلة للزراعة التى يمكنها توفير الغذاء لسكان القارة ولجزء كبير من سكان العالم.

ومما يزيد من قيمة هاتين الرافعتين وجود إفريقيا بين محيطين كبيرين وبحرين وتوفرها على ممرات بحرية استراتيجية، ما يمنحها إمكانيات بحرية هائلة لإقامة التجهيزات الأساسية المينائية التى هى اليوم شِرْيَانُ المبادلات الدولية والبنيات السياحية الجاذبة لرؤوس الأموال والسياح، فضلًا عما تغتنى به البحار من مصادر غذاء استراتيجية.

ومن حسن حظ قارتنا، أنها تتوفر أيضًا على المعادن الاستراتيجية التى تتنافس عليها اليوم الصناعات والتكنولوجيات المعاصرة، فضلًا عن المعادن والطاقات التقليدية والإمكانيات الكبرى لإنتاج الطاقة من مصادر متجددة.

واختتم العلمى كلمته قائلًا: استثمارًا لهذه الإمكانيات واستشعارًا لحجم التحديات وللمسؤولية التاريخية، تشهد قارتنا العديد من الديناميات الاقتصادية والسياسية، ومنها الدور المتزايد للاتحاد الأفريقى كإطار للعمل الأفريقى المشترك، ومنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتكتلات الاقتصادية الجهوية الإفريقية التى تعتبر إطارًا للتعاون والمبادلات الاقتصادية، مع استثناء واحد فى شمال القارة مع كامل الأسف.

وثمة مبادرات أخرى واعدة واستراتيجية مطروحة على الأرض، ومنها مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية، إلى جانب مبادرة تمكين بلدان الساحل الأفريقية من الولوج إلى المحيط الأطلسى اللذين أطلقهما الملك محمد السادس، وهما يتكاملان مع مشروع أنبوب الغاز-نيجيريا-المغرب أروبا، مرورا بـ 13 بلدًا إفريقيا.

وينبغى أن نستحضر دور مثل هذه اللقاءات فى إنضاج الأفكار والاقتراحات مما يستدعى جعلها تقاليد مؤسساتية خاصة عندما يتعلق الأمر بالبرلمانات التى لا تخفى مكانتها المؤسساتية والسياسية وأدوارها فى تقريب الآراء بين بلداننا.

إن مواجهة التحديات وربح الرهانات تحتاج إلى تفعيل الإرادة السياسية المشتركة، وتحويل الطموح إلى سياسات ومشاريع ومنجزات.

تحتاج إفريقيا إلى المرور إلى العمل، وإلى السرعة القصوى فى الإنجاز ولكى نكونَ مؤثرينَ ينبغى أن نكونَ مبادرينَ، أقوياءَ، متمكنينَ وآخذين لمصيرنا بأيدينا.

حقنا المشروع كأفارقة فى التقدم والرخاء والازدهار هو الحصول على مصيرنا بأيدينا، حيث يزدهر التطرف والإرهاب فى سياقات الفقر، والانفصال يهدد بتفكك الدول، وقوة الدولة الوطنية الإفريقية ضرورة تاريخية، والشراكات مع باقى القوى العالمية تحتاج إلى وحدة الموقف، وإلى اقتصادات قوية وإلى ترسيخ وتقوية الشراكات جنوب – جنوب وفق منطق الربح المشترك.

بقدر تخلصنا من الاستعمار، بقدر ما ينبغى أن نتخلص من تبعاته ومنها بالأساس بعض المفاهيم غير الملائمة مع متطلبات وسياقات العصر.

وبقدر ما ينبغى أن نتشبث بضرورة احترام ثقافاتنا الإفريقية، وحضارتنا وتقاليدنا المؤسساتية وقرارات دولنا السيادية والرفض القاطع للتدخل فى الشؤون الداخلية للدول مهما تكن المبررات، بقدر ما ينبغى التخلص من التفكير فى المستقبل على أساس الماضى الميت، عوض التاريخ الحى المعبئ والمتوجه إلى المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى