مقالات

مصر وحدودها خط أحمر

بقلم : د ياسر جعفر

عاد زمن هولاكو خان، حفيد مؤسس الإمبراطورية المغولية، الذي وُلِد عام 1217م. عيَّنه شقيقه مونكو “الخان الأعظم” حاكماً وجنرالاً على المنطقة الغربية من الإمبراطورية، فقضى على الخلافة العباسية وأسس “دولة الإلخانية” على أراضي فارس بعد تفكك الإمبراطورية المغولية. حكم العراق لمدة عشر سنوات وتوفي عام 1265م.

عاد زمن هولاكو في صورة ترامب، وكأن الزمن يعيد نفسه. جاء ترامب وحلفاؤه من الصهيونية الأمريكية ليغزو مقدرات وثروات الشرق الأوسط، متنكراً في ملابس التهديد والبلطجة، متناسياً أنه يتعامل مع أسطورة العالم: مصر!

ترامب، الذي يبدو وكأنه راسب في التاريخ، لم يقرأ عن دولة هي بداية العالم ونهايته.
اعتقد كما اعتقد هولاكو أن بإمكانه إخضاع مصر كما دُمِّرت بغداد من قبل، لكنه غفل عن حقيقة أن مصر هي التي صمدت أمام الأوهام الخزعبلية من الفرات إلى النيل.

كما أرسل هولاكو رسالة تهديد إلى سيف الدين قطز، جاء ترامب برسالة تهديد لمصر، متوهماً أنه يستطيع التدخل في حدودها وسيادتها، لكن كما رد المصريون على هولاكو بقطع رؤوس رسله وتعليقها على باب زويلة، فإن مصر اليوم ترد بوضوح أن حدودها خط أحمر، والقضية الفلسطينية لن تسقط ولن يُفرّط فيها.

خرج قطز بجحافل الجيش المصري في رمضان عام 658هـ، وانتصر على التتار في معركة عين جالوت، وكما كان المصريون دائماً رمزاً للصمود والنصر، فإنهم اليوم يقفون بقوة ضد كل محاولات التهديد والابتزاز.

إذا ذكرت مصر، فأنت تتحدث عن أسطورة الزمن والمكان، عن تاريخ يمتد لآلاف السنين، تتحدث عن العلم والدين والتوحيد منذ عصور الفراعنة وحتى البعثة المحمدية.

لقد ذُكرت مصر في القرآن الكريم في مواضع عديدة، منها ما جاء بصريح اللفظ، ومنها ما دلت عليه القرائن والتفاسير، كما كانت ملاذاً للأنبياء، حيث لجأ إليها أنبياء الله إبراهيم ولوط عليهما السلام.

على مر التاريخ، وقفت مصر بجانب أشقائها العرب في وقت الشدائد. لكنها اليوم تواجه تحديات من أعداء يحاولون العبث بحدودها واستقرارها، وهم لا يعلمون أن من يقترب من مصر لا يلقى إلا الدمار والخراب.

التشكيك في عروبة مصر هو عقوق للأمة العربية لا يُغتفر، كما أن مصر ليست فريسة للخونة والمرتزقة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.”

لذلك، يجب على الدول العربية أن تتحد وتتجنب فتن شياطين الإنس والجن، وأن تتعاون فيما بينها وفق قوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38].

اللهم احفظ أمتنا الإسلامية والعربية من كل سوء، وألِّف بين قلوبها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى